كثر الجدل في المدة الأخيرة عن طبيعة الدولة التي نريدها بعد الثورة،
البعض يرى أن الدولة يجب أن تكون دولة دينية لأنها الضمانة الوحيدة لتطبيق الاسلام واحترام تعاليمه،
بينما يذهب البعض الآخر أن الدولة يجب ان تكون دولة مدنية ترعى حقوق جميع مواطنيها،
ولكن آلا يمكن الحديث عن احتمال ثالث؟ أو أكثر؟
شعار الدولة الدينية شعار غريب في نظري عن الإسلام نفسه، لأن الاسلام لم يدع في يوم من الايام الى دولة دينية، ومفهموم الدولة الدينية اصلا مفهوم غربي يشير الى الدولة التي تحولت الكنيسة فيها الى الحاكم الفعلي رغم أن الكنيسة لا تتدعي في الاصل هذا الحق.
فالاسلام لم يقدم تصورا محددا للدولة ولا لنظام الحكم، وإنما حدد جملة من الضوابط والشروط، منها العدل والحرية والكرامة والمساواة... ومتى تحققت هذه الضوابط أمكن القول ان هذه الدولة دولة ترفع لواء الاسلام. أما دولة الخلافة أو المملكة أو الجمهورية فكلها تجارب تاريخية يمكن ان نقبل بها او نتجاوزها.
أما القول بأن الدولة يجب أن تكون مدنية بمنأى عن الدين، وكأن علمانية الدولة في حد ذاته يعني أنها دولة ديمقراطية توفر الحرية والعدل... فكلام بحاجة أيضا الى إعادة النظر، فكأن كون الدولة علمانية غاية في ذاته، وينسى هؤلاء ان هناك تجارب علمانية كثيرة لم تكن ديمقراطية بل كانت فاشية كألمانيا هتلر وروسيا ستالين ومختلف التجارب العربية التي رفعت لواء العلمانية... فكل هذه التجارب كانت معادية للحرية والديمقراطية.
ألا يمكن ان نفكر في دولة مدنية تستلهم الاسلام؟ ذلك هو الحل في اعتقادي الذي يضمن للجميع الحق في الوجود والمشاركة، كما يضمن مصالحة هذه الدولة مع هويتها العربية الاسلامية عوض القطيعة التي رسختها النخب العلمانية لعقود طويلة.
نريد دولة يكون فيها للشعب الكلمة الفصل، دولة تحترم جميع ابنائها، لكل فيها حق، دولة تحقق قيم العدل والحرية والمساواة التي دعا اليها الاسلام لتحقيق تجربة فريدة قادرة على الاضافة والاستمرار.
ما رأيكم في هذا؟ ننتظر آراءكم